حميدتي في مرمى الاتهام: صراع الذهب يشعل غرب السودان
تشهد مناطق إقليم دارفور غرب السودان موجات متكررة من العنف، خاصة في منطقة جبل مون الغنية بالذهب، وسط اتهامات لقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بالضلوع في تأجيج النزاع للسيطرة على احتياطات المعدن النفيس، بحسب تقرير نشرته صحيفة *لاكروا* الفرنسية.
أوضحت الصحيفة في تقرير لموفدتها الخاصة إلى مدينة الجنينة، أوغيستين باسيلي، أن جذور الأزمة تعود إلى تصاعد أعمال العنف بين مجموعات محلية ومليشيات مرتبطة بقوات الدعم السريع. ونقلت عن أحد سكان المنطقة، عبد اللطيف آدم، رئيس منظمة “شباب جبل مون”، قوله إن الهجمات الأخيرة استهدفت قريته “سيليا”، متهماً قوات الدعم السريع والجانجويد بتنفيذها.
ووفق ما أعلنه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد قُتل أكثر من 125 شخصاً وأصيب العشرات بين السادس والحادي عشر من يونيو/حزيران الجاري، بينما شهدت المنطقة في مارس/آذار الماضي أعمال عنف مماثلة أودت بحياة ما لا يقل عن 35 شخصاً.
وترى الصحيفة أن السبب الرئيس وراء هذه الاشتباكات يعود إلى التنافس على ثروات جبل مون، الذي يُقدّر احتياطه بأكثر من 800 طن من الذهب، وفقاً لمسؤول في الشركة السودانية للثروة المعدنية.
وقال أحد عمال المناجم، أحمد زكريا، إن “الذهب هو الوقود الحقيقي للعنف في دارفور، خصوصاً بعد انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول الذي قاده الفريق عبد الفتاح البرهان”، مشيراً إلى أن أطرافاً عدة تحاول الاستحواذ على الموارد.
كما نقلت الصحيفة عن شهود عيان أن فنيين من شركة “الجنيد” التابعة لعائلة حميدتي وصلوا إلى جبل مون في وقت سابق، وحاولوا إقناع السكان بالتخلي عن أراضيهم لصالح أنشطة التعدين، لكنهم واجهوا رفضاً قاطعاً. وقال حسن إمام، ممثل قبيلة “المسيرية جبل”: “تحاول قوات الدعم السريع الاستيلاء على أراضينا بالقوة، وتهاجمنا بحجة أننا نسرق ماشية البدو”.
من جانبه، شدد عبد اللطيف آدم على أن أي نشاط تعديني في المنطقة يجب أن يُربط بعودة النازحين وتأمين القرى وتفكيك المليشيات، مؤكداً أن “أبناء جبل مون مستعدون للتعاون إذا توفرت الضمانات الأمنية والتنموية”.
أما الصادق عمر، وهو مدرس وعضو في المنظمة الشبابية ذاتها، فطالب بنقل السكان المتضررين إلى قرى حديثة تتوفر فيها الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء والمدارس والمستشفيات.
في المقابل، ألقت فتحية محمد، رئيسة منظمة نساء غرب دارفور البدويات، باللوم على “لصوص الماشية الذين يختبئون في الجبال ويستفزون البدو، ما يؤدي إلى دوامة من الثأر والعنف المتبادل”.
وتساءلت الموفدة الفرنسية عمّا إذا كان حميدتي بالفعل يقف وراء هذه الأحداث، ناقلة عن مصدر مقرب منه قوله إن قوات الدعم السريع “تحاول إخلاء المنطقة من السكان لبدء عمليات تعدين الذهب، كما حدث سابقاً في جبل عامر الذي أدارت شركة الجنيد مناجمه حتى عام 2020”.
واختتمت صحيفة *لاكروا* تقريرها بالإشارة إلى أن دارفور ما تزال ساحة صراع مفتوح على الموارد، حيث تتداخل المصالح الاقتصادية مع الأبعاد السياسية والقبلية، في نزاع حصد أرواح أكثر من 110 أشخاص خلال أيام قليلة فقط.


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.